طالعتني بذلةٌ عسكرية مطويةٌ؛ وورقة تغلِّف رزمة أوراق، وقد كتب عليها بخط يده الجميل الأنيق الكلمات التالية:
"أثق بأنّ وصيّتي، بخط يدي، ولكِ وحدكِ يا أمي، ستكون بنظركِ أجمل هدايا الكون، فاقبليها مع قبلاتي المعتذرة لأنها ستكون الأخيرة حتماً... سامحيني أُمّاه وامنحيني حين تنهين قراءتها... رضاكِ".
لم أرفع عنها عيْنيَّ اللتين أمطرتا كل أشواقهما. أدنيتها من شفتي كأنها رأس حسام، وجهه، جبينه، يداه، ولم أستفق إلا بين ذراعي ابن أختي وقد اختلطت بدمعه دموعي، لأننا عرفنا معاً في لحظةٍ أن حساماً أصرّ على أن لا ينقضي عيد الأم الأول، بعد غيابه، دون هدية... ودّعني ابن أختي ومضى، لأسهر وحدي مع وصيّةِ الشهيد، المعطرة بدمائه، حتى مطلع فجر العيد.
* والدة الشهيد نقلا عن ولاء إبراهيم حمود – مجلة بقية الله