ما قيل وكتب عن الشهيد

  • الرئيسة
  • الفارس الجميل يعود إلى أزهاره
الفارس الجميل يعود إلى أزهاره

الفارس الجميل يعود إلى أزهاره

كان، كالشهد الذي يقطفه بيديه، يطل مازن علينا بابتسامة ترسمها انفعالات قلبه لا عضلات وجهه. وبصمته القوي الحضور، يشاركنا كلام الشباب وأحاديث الرجال. وبضحكته المجلجلة، يوقظ في كل منا الطفل الذي نسيناه وقد كبرنا. ومن البراري التي تعتّق لون التبغ عليها فاستحالت سمراء، عتّق مازن سحنته الشقراء فتلّون بلون الأرض ومضى مع نحلاته يجوب بعزم حقول الأزهار على امتداد الجنوب ويجمع بصبر وهدوء رحيقاً للقطف الأخير الذي طالما انتظره واستعد لقدومه. [...]

في مثل هذا اليوم، قبل عام، رحل مازن وبقي ظله يعكسّ الدفء في بيوت الكهول التي حرص على زيارتها دائماً ويشد العزم في نبض دماء الأم الصابرة والأب المحتسب والأحبة كلهم. غاب وما زالت عيونه الخضراء تغازل الضفائر المتدلية على أكتاف صبايا الطيري وكونين وعيناتا وبنت جبيل فتلفها ببريق يورثنه الى آخر القادمين. وما زال ضحك ملاعب طفولته يتناقله فتيان وفتيات الحي في السهرات وعلى البيادر. ما زال دمه يروي أزهار حقول الطيري وينتظر أفواج النحل تحج الى قبره كل عام حتى العودة الأخيرة. وبعد، حين نستحضر مازن، تتزاحم في الذاكرة صور رفاق مازن ممن حملوا العشق ذاته وزرعوه في قرى كونين وعيناتا وصريفا..

نتذكر محمد وزيد ووسيم وعماد وكثيرين ممن نجهل أسماءهم ونواصل الطريق بفضل دمائهم. يا فارسنا المستيقظ أبداً، كلما تسمع صياح الديك وقد بدا له نور الصباح، إضحك. فما صاح إلا لنستيقظ ونضحك معاً ضحكاً يهزم أحزاننا كلها حتى نلتقي أيها الجميل مازن.

* عامر الدبق لذكرى الشهيد المهندس مازن علي شعيتو