قبل أن يولد علي، رأى والده في الرؤيا أن سريراً في السماء تتدلى منه حروف آية الكرسي ذهبيةً، فوق حسينية آل اللقيس في بعلبك، فتفتحت الغبطةُ في فؤاده وهو يحملُ ولده بين ذراعيه، ليؤذن له في أذنه أذان الصلاة والجهاد. وتحت سماء بعلبك، عاش «علي الرضا» الذي سُمّي باسمه تيمناً بالإمام الرضا(عليه السلام) يرتعُ في أحيائها القديمة، وينهلُ من تاريخها القديم والحديث تعاليم الحياة الحرّة. تعلّم من السواعد كيف تُحرَثُ لجج الحياة بالصبر والتأمل، وكيف يرمي الإنسانُ بشباك تجلّده ليصطاد أحلامه. حملَ علي بداخله ارتباطاً عميقاً وحنيناً يحرق لواعج القلب لأهل البيت(عليهم السلام). وقد أرضعته والدته، الهاشمية النسب، مع الحليب ذلك التعلّق العجيب الذي ترك في روحه مسحةً من الغربة التي حولته إلى باحثٍ عن مكانٍ له، لا يمكن لحدوده أن ترتسم في هذه الدنيا..
عندما تعلّقت يداه للمرة الأولى بضريح الإمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام) في إيران، شعر بأنّ المرسى قد لاح بين تخبّط أمواج الحياة، وأيقنَ أن إحساسه بالحنين إلى مكانٍ تستقر فيه روحه لن يخبو إلا عند لقاء أحبائه، وكانت تلك اللحظة من أكثر اللحظات سروراً وبهجةً في حياته..