سيّدي إنّي أحسّ بالثقل الذي يتحمّله قلب حبيبي الطاهر، وأحسّ بمدى الهم الذي يضجُّ به صدره...
هذه الرسالة كتبها الشهيد وسيم شريف، وهي بمثابة درس كامل في كيفية حب إمام الزمان، عجيبة هذه الرسالة كم تحمل من معاني ومضامين!
بسم الله الرحمن الرحيم
من الحقير المتحيّر إلى دليل المتحيّرين
ومن البائس المسكين إلى العطوف الرحيم
ومن اليتيم الذي لا يدري أين يولّي وجهه، إلى أبيه وحبيبه وطبيب قلبه
سيّدي ومولاي أشكو إليكَ حيرتي وضلالتي وفقري، عذرًا لأنّي أترك قلمي يكتب كلّ ما في قلبي، ولكنّي سيّدي وضلع جدّتك الزهراء ما عدت أطيق!
سيّدي وصبر زينب الكبرى قد ضاق بي حالي
لا أدري سيدي أين أنت، ولا كيف أنت، ولا من أنت
ولا أعلم كيف أصل إلى ربي، ولا كيف أعرفه
سيّدي أراني ضالًا منحرفًا ليس لي شاطئ أرسو عليه، ولا ركن آوي إليه
أتتركني يا كافل أيتام عليّ!
أترضى أن ترى حالي وأنت تقدر أن تعينني!
سيّدي أنقذني فإنّي لم أعد أستطيع
سيّدي ومولاي روحي لتراب مقدمك الفداء
بعد شهرٍ على رسالتي الأولى، أقف بين يديك وقد وجدت نفسي قاصرًا ومقصّرًا.
سيّدي إنّي أرى أيامي تخاتلني، ونفسي تخادعني، وأرى عمري يتسرب من بين أصابع يدي وأنا لم أصل بعد.
متى أصل سيّدي؟ كتى أعرف ربّي؟ متى أراك وتراني وتراني وأراك؟
متى أنظر إلى عينيك وهي ناظرةٌ إليّ محبةً لي غير معرضةً عنّي.
متى أنظر إلى شفتيك باسمةً لي، وأرى قلبك راضيًا عنّي؟
سيّدي إنّي أرى الأرض وقد ضجّت ألمًا، والسماء وقد عجّت من طول الظلام.
وأنّات المظلومين في الليالي البائسة الباردة من لها غيرك؟
ودموع الأيتام والفقراء والمساكين من يكفلها غير كفّك؟
سيّدي إنّي أحسّ بالثقل الذي يتحمّله قلب حبيبي الطاهر، وأحسّ بمدى الهم الذي يضجُّ به صدره...
أدري يا سيّدي أنّ قلبك حزين لما يجري في العراق وفلسطين... ليت روحي كانت فداءك
سيديّ
أكتب لك على عادتي، لأشكو إليك يا حبيبي همومي...
أشكو إليك أنّ دراستي الحوزوية لا تسير على ما يرام، ربّما لكثرة ذنوبي...
وأشكو إليك وحدتي، ووحشتي وغربتي في هذه الدنيا
وأشكو إليك ضلالتي وتشرّدي بعيدًا عنك،
وأشكو إليك سوء حالي وكثرة ذنوبي
وإنّي موقن أنّ كل ذلك يزول بنظرةٍ من عينك
فامسح على قلبي بيدِك، واغسله حتى يعود كما يريده الله تعالى غضًا طريًّا حيًّا
سيّدي بحقِّ جدّتك الزهراء، وبحقِّ جدّك غريب طوس صلوات الله عليهما
إلا ما قضيت حاجتي التي تعلم، والتي أستحي أن أطلبها منك...
أمسح على قلبي بكفّك الزاكية
قد كان لي أستاذ رحل
وصرت مستوحشًا لا أعلم الطريق
أدركني بمحمّدٍ وعليّ والحسن والحسين
أدركني بحقِّ فاطمة وصبر فاطمة ودمعة فاطمة
أدركني أدركني أدركني بحقّ أبي الفضل العبّاس
التوقيع: مَن روحه لتراب مقدمك الفداء في 29 ذو القعدة 1423هـ (2002م)