كان بشير يترك زخرفة رائعة تغير من شكل ومعنى المكان..
لقد رسم بشير الحياة بأنامله كما رآها هو.. فلهُ شمسه وقمره، وله ألوانه التي تشبه الماء والهواء. لا تحمل لوناً محدداً ولكنها تختزن قيمة الوجود. كان بشير يترك زخرفة رائعة تغير من شكل ومعنى المكان، فهو لا يتحمل المكوث في أي مكان من دون أن يحوله إلى لوحةٍ جميلة، بغض النظر عن "هوية" المكان، فقد يكون المكتب، أو ربما الصف، أو المعسكر، وحتى حينما كان في البياضة مكان استشهاده، وفيما الحرب تلتهم المكان، كان بشير يرسم بهدوء، يقشّر البطاطا ويحول القشر إلى أشكال جميلة، يجمع الحجارة، يشذّب الأغصان لتصبح مادة أولية لمجسم صغير. صحيح أن القذائف والصواريخ قد تدمر كل شيء، ولكنها تصمت أمام حسٍّ مرهفٍ لشابٍّ رفض حتى اللحظة الأخيرة أن يفرض الواقع عليه شكل الحياة وأصر على أن يرسمها كما يريد، حتى وإن كان اللون قانياً من دماه..
- نسرين قازان - مجلة بقية الله