كان شاباً تبوح تقاسيم وجهه بالبأس والشجاعة
قد تتلمذ بشير على يد والده الأستاذ والمربي الذي زرع الفضائل والقيم في نفوس أولاده، فتعلم من والده أولى الحروف من الرسالة التي يكاد من يحملها أن يكون "رسولاً". وقد ترك كدّ والده ليل نهار لتأمين أفضل تعليم لأولاده أثراً كبيراً في نفس بشير، الذي على صغر سنه وجد الطريقة المثلى للتخفيف من عبء المصاريف الدراسية، وهو البقاء في سدّة التفوق لتحصيل المنحة الدراسية. وكان العلم والثقافة الهمّ الثاني في قلب الأب تجاه أولاده. فالإيمان والتدين الأصيل والأخلاق هي السطور الأولى في صفحات الحياة، أما الجهاد في سبيل الله، فهو الهدف السامي الذي لأجله اشتدت طراوة العظام ونداوتها، فامتشق بشير سلاحه باكراً.
ومن خلف مقاعد الدراسة التي حمل منها الشهادات الممهورة بنجاحٍ وتفوق، انطلق بشير ليخضع لعدة دورات عسكرية، تؤهله للالتحاق برجال المقاومة الإسلامية، فكان شاباً تبوح تقاسيم وجهه بالبأس والشجاعة، وأظهر في فترةٍ قصيرة أن العزيمة التي عقدها في طريق الجهاد، ستكون خاتمتها "جنّات ونهراً"، وكيف لا تتوق روحه للرحيل، وهو كلما وقف بين يدي الله سأله الزلفى والدنو؟ ظلّ بشير؛ بضحكته الدافئة، وعينيه اللامعتين المضيئتين بطموحٍ يُنبئ بالمستقبل الزاهر، يتنقل كالعصفور على أفنان الحياة، يقطف وردة من هنا، ويزرع حديقة هناك. وقد تخرّج بشير من كلية الهندسة فرع المعلوماتية في الجامعة اللبنانية بجدارة، بعد أن درس هذا الاختصاص تلبيةً لرغبة والده بذلك، ثم التحق بجامعة هاواي ليدرس اختصاص "التصميم الزُخرفي" الذي كان يعشقه. وقد وُضعت شهادة البكالوريوس التي نالها بعد استشهاده على ضريحه.
- نسرين قازان - مجلة بقية الله