وصية السيد حسين شريف أسعد (مظلوم)
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين
وبعد، فقد كلّ الكلام في الأبعاد الدينية والعقائدية والأخلاقية، وبحمده تعالى انتشرت لدينا وسائل التعلم والتعرف على الدين الصحيح...
وباتت الكتب الدينية والجلسات العلمية منتشرة ويمكن لكل شيعي في لبنان تحصيل ما يحتاجه للتعرف والتعمق في دينه... ولكن ما أريد أن أقوله لكم هو ما توصلت اليه شخصيا، أن العلاقة مع أهل البيت هو السبيل الوحيد الذي بإمكانكم من خلاله الوصول الى ما تشتاقون اليه. إن حب أهل البيت موجود طبعا في قلب كل شيعي. ولكن علينا تعزيز هذه العلاقة إلى أقصى حد ممكن. وأنصحكم بالتعرف والتواصل مع المؤمنين الذين يملكون علاقة قوية مع أهل البيت، حتى تتعلموا منهم الحب الحقيقي.
اقرؤوا قصص الشهداء، ولاحظوا أن ما توصلوا اليه من الفضل هو بفضل أهل البيت عليهم السلام. واعلموا أن كل شك يرتابكم على صعيد المغالاة في أهل البيت هو أوهام شيطانية.
افرضوا انكم خفتم من المغالاة، في هذه الحال قولوا لأهل البيت أن يحموكم منها. أليست نيتكم خالصة؟ اذا كيف يمكن لهم أن يخذلوكم؟ أو يسمحوا للشيطان ان يوقعكم في المغالاة..عليكم ان تعمقوا العلاقة معهم وهم الذين يقومون بحمايتكم من المغالاة ومن الشبهات اذا كانت نيتكم خالصة.
وانا أقول لكم أن كل ايماني واقف على حب أهل البيت ولم أبال يوما أن يبعدني الاستغراق في حبهم عن حب الله لأنني أعلم ان حب الله هو حبهم وهم الذين سيوصلونني الى الله.
واعلموا أنكم بين ايد أمينة وهم الذين سوف يتكفلون في ايصالكم الى الله... مهما طال الوقت وبعدت المسافة وذلك لأنهم هم من تحقق من المعرفة الالهية ولا يوجد في هذا الكون معلم غيرهم.
أنصحكم في قراءة الزيارة الجامعة مرة في الاسبوع على الأقل ففيها حقائق ومعارف مهمة جدا ومن شأنها أن تعرفكم على حقيقة أهل البيت. إن المعلم الأساسي الذي علمني حب أهل البيت هم الايرانيون والشهيد السيد جواد ذاكر فحبه وحبهم لأهل البيت علمني فعلا كيف أحب أهل البيت وأثق بهم.
إلى أمي:
أمي الحبيبة، مهما تكلمت فلن أستطيع وصف ما قدمتِه لي. فأنت احدى أكبر النعم التي وصفت في القرآن بانها لا تحصى... وانت تمثلين ابداع الخالق في خلقه فكل حب وحنان هو انعكاس لحب الله لنا ورأفته بنا. ويجب أن تعرفي قدرك وتعلمي ان الانسان كلما كبر كبرت مسؤوليته واذا ما تحملت تلك المسؤولية تكونين قد حققت ارادة الله التكوينية ولك كل الشرف في تحقيق ذلك. أنت التي ربيتني حتى ترعرعت وكبرت ووصلت الى ما وصلت اليه.
كوني يا امي زهراء زمانك واجعلي من شهادتي قربانا لله وأهل بيته.
ان كل تعابير العشق والحب لا يمكن أن تصف حبي لك وأنا أعترف أنني لم أستطع يوما أن أعبر عن ذلك الحب لأن شخصيتي هكذا... قليلا ما أستطيع أن أعبر عن كل حبي ولكن اعلمي يا أمي أن قلبي يكتنز جبالا من العشق لك ولحضنك الدافئ.
أحبك يا أمي أحبك أحبك أحبك.
من حقك أن تبكي عند شهادتي ولكن حاولي أن تفرحي لأنني سوف أكون عند الرفيق الاعلى في جنانه الواسعة مع اهل البيت. وبما انني سوف أكون فرحا فعليك انت أيضا أن تكوني فرحة.
إلى أبي:
يا معلمي يا أبي..
لم أستطع يوما أن أعطيك حقك وأشكرك على ما فعلته لي ولكن اعلم أن شهادتي هي بمثابة الشكر لك. فأنتم شركاء في شهادتي، بل انتم اساسها ومعدنها، ولولاكم لما حققت منيتي. أشكرك لأنك قدمت لي الرعاية المعنوية والمادية. واعلم أن لك نصيبا كبيرا عند الله بما قدمته. فأهل الشهيد لهم الفخر ويجب أن يرفعوا رؤوسهم عند تقديم هذه التضحية. واعلم أن أهل البيت دائما معكم في كل لحظة حتى لو غفلتم عنهم وهم الذين يحققون رعاية الله لكم.
كفى بي عزا أن تكون لي أبا وكفى بي فخرا أن تكون لي قائدا... أحبك أبي.
إلى أخي محمود:
أحبك كثيرا يا أخي فمنك تعلمت دعاء الحزين في مسجد الضيعة. ومنك تعلمت الأذان الصحيح. ومنك تعلمت الذهاب الى مسجد القائم وتعرفت هناك على أهل البيت وتعرفت بذلك على ربي. وتعلمت منك أمورا كثيرة لا أحصيها... من الجهاد الى التعلم وحب المثابرة، والطموح الكبير.. أدعو الله أن يجعلك قويا وأن تحقق ما ترغب به... أشكرك لأنك أول من علمني حب صاحب الزمان والسعي لأن أكون من أنصاره في دعاء العهد... ودعاء الندبة صباحا وغير ذلك...
أنا لا أبالغ حين أقول لك أن الله جعلك لي رفيقا وحبيبا ولا يسعني شكره تعالى على ذلك.
أحبك يا عزيزي وأطلب منك أن تكمل طريقي عبر اكمال حبك لصاحب الزمان وارشاد الناس في بلدك وفي الغربة. كن للناس نصوحا وترحم على الجاهلين واسع في تربية أولادك بحيث يكون لهم نصيبا في دولة صاحب العصر والزمان.
الان أصبحت في الأراضي السورية والصفحات السابقة كتبتها قبل يوم من الذهاب.
عزيزتي دانيا:
ان أمورا كثيرة يصعب للانسان تصورها أو تخيلها دون أن يجربها. ان ساحات الجهاد تشكل مصدر الهام كبير. وفي الخطوط الأمامية تكون النفس مجردة عن أوهام الدنيا ومتعلقات المادة... ليتكم تستطيعون القدوم الى هنا. فمنذ اليوم الأول الذي وصلنا فيه لم يتكلم أحد عن أمر دنيوي وكأننا أصبحنا في عالم اخر. وبما أنكم لا تستطيعون القدوم الى هنا أنصحكم بالتعويض عن ذلك عبر قراءة قصص الشهداء وزيارة قبورهم وكثرة التحدث عنهم وعن حياتهم. لعلكم بذلك تعيشون بعض ما نعيشه وتستلهمون من ذلك الإخلاص في العمل.
بعد استشهادي يا عزيزتي قومي بارسال جلال لتعبئة طلب في الحزب بمجرد بلوغه سن ال 13 او 14وقومي دائما بمراقبة رفاقه لأن الأولاد يأخذون من رفاقهم أكثر مما يأخذون من أهلهم.
إن ما ذكرته في بداية الوصية عن اهل البيت يفيدك جدا.
حاولي أن تتذكري دائما الشهداء وشهداء كربلاء بالخصوص حتى تصبح قصصهم رواية يومية يرويها الاولاد لأصحابهم. فإن الله يهدي بالشهداء كما يهدي بأهل البيت.
من حقك يا أختي أن تحزني لفراقي.. وهذا شيء طبيعي، ولكن أرجوكم أن لا تطيلوا العزاء وتكثروا النحيب فالسيدة زينب رأت أخاها مذبوحا ولكنها مع ذلك ذهبت مباشرة بعد الواقعة الى الامام علي السجاد وقالت له: ماذا تريد أن تفعل الان، فهي لم تبق طويلا عند جسده، بل توجهت الى ما يجب فعله لإكمال المسيرة وتلخيص النتائج ثم متابعة الطريق. لذلك أطلب منكم أن تكونوا كذلك، وأن تكون شهادتي دافعا لكم وليس عائقا أمام تقدمكم.
أحبك يا أختي وأطلب من الله أن يأخذ بيدك ويرفع من مقامك.
أختي منال:
ان معظم شيعتنا يملكون الحب والطموح للتطور العلمي والتكامل السلوكي. ولكن المشكلة أن بعض الناس يقيسون الأمور بطريقة خاطئة.
باختصار: ما لا يدرك كله لا يترك جله. فالبعض يظن ان طلب العلم يحتاج إلى تفرغ وأن فقط أصحاب الاختصاص يستطيعون تحصيل العلوم الدينية والاستفادة منها. ليس المطلوب من الجميع أن يصبحوا مراجع ولكن المطلوب من كل فرد السير على طريق العلم وتحصيل أكبر كمية من العلم.
المشايخ مهمتهم هداية الناس.. ولكن عدد المشايخ قليل. لذا من واجب الناس أن يتعلموا حتى ما اذا حصل تقصير معين من قبل المشايخ يكون الفراغ أقل اذا كان الناس أصحاب علم ووعي واطلاع.. على الأقل على الصعيد الشخصي... لذا فليسع كل فرد الى هداية نفسه قبل كل شيء. حاولي يا أ أختي أن تجعلي كل أوقات فراغك إن أمكن للقراءة والمطالعة.
إن معظم الناس عندهم قابلية وانجذاب تجاه العلم ولكن معظمهم ضعفت ارادتهم مع مرور الزمن وقل انجذابهم، لذا حاولي أن تعيدي الى نفسك هذا الانجذاب وتفتحي مرة أخرى هذه القابلية وسيصبح الطريق أسهل وسوف تعجبك الفكرة وتسحب معك (يعني بدها خطوة أو خطوتين)
ملاحظة: كل النصائح الموجودة في الوصية موجهة للجميع ولكن قمت بتوزيعها تجنبا للاطالة والملل.
أحبك يا اختي وأتمنى لك السعادة في بقية عمرك ولعل الله يتقبل جميع أعمالك وأتعابك ولتعلمي أن كل ما يحدث وما حدث معك مكتوب لك قبل الانشاء والاحداث.
وفقك الله وأعانك ولا تنسينا من دعائك.
أختي ايمان:
يا حبوبة يا ايمان أنت كنت طوال عمرك صديقتي وقد أمضيت أجمل الأوقات حين كنا نلعب سويا بيت بيوت على الشرفة. كبرنا معا حتى تزوجت. ولكن الجميل أنك ستبقين معنا وهذا أجمل ما في الموضوع. الحمد لله أننا بقينا سويا الى هذا العمر وان شاء الله تستقرين في بيت جميل مع زوجك ويصبح لديك أولاد ويكبروا ويعذبوك مثل جلال وفاطمة.
عندما أكتب لك أحس أنني ولد صغير لأنني أمضيت الصبا معك فيظهر ذلك عبر كتاباتي البسيطة والمفشكلة.
ان الله يبتلي الناس حتى يجعل من قابلياتهم فاعليات فالهدف من الابتلاء هو اخراج قدرات الفرد من القابلية الى الفاعلية. لذا اذا مر معك اي ابتلاء فاعلمي انه يجب استغلاله من أجل اظهار قدراتك وبذلك يجب ان ترتفع معنوياتك عند ظهور بوادر البلاء. وعند البلاء قومي بالتفكر قبل المبادرة بأي فعل. واستعيني بالله عبر التوكل وعبر استخدام الخيرة (الكلام موجه الى الجميع أيضا)
انت يا ايمان صحيح انك لم تقومي يوما باعطائي النصائح الكبيرة ولكن وجودك معي في ايام شبابي كان بمثابة السند لي وروحك الطويلة علمتني ان لا أشاكس الناس وأهلي.
إن ردات فعلك الايجابية مع المشاكل عندما كنت لا تواجهين أمي عندما تصرخ عليك علمتني أن في العجلة الندامة وفي التأني السلامة (-:
أحبك يا أختي كثيرا وأتمنى لك أحلى الأيام وحاولي أن تنفذي أيضا ما كتبته لمنال عن طلب العلم.
إلى زوجتي:
هنا انتهى الكلام وجف الحبر...
-منقول من الشيخ حسين حريري