كما ولج عليّ في قلب كلّ من عرفه، إلّا أنّ علياّ سجن قلوب محبيه
من بلدة أخذت سمة سيّد المقاومة، وأعطت لونها وريحها لكل من عاش بل مرّ في جنباتها.
في هذه البلدة العامليّة (البازوريّة)، بان ظلّ ذلك السّجّان بطلعته البهية عام 1988 حيث أثّر بكل من عرفه. كبُر قبل مرور السنين، وتعلّم العلم النافع الموصل إلى سبيل النجاة، المهندس الدكتور (علي حدرج). تعلّق قلبه بالمقاومة فأعطاها أغلى ما يملك " فوق كلّ ذي برٍّ برٌّ حتى يقتل المرء في سبيل الله ، فليس فوقه برّ".علي هو الحفيد (السبط) الأول لعائلة أمّه، لذا نال منها زبدة الحبّ والاهتمام، ولم يكن أقلّ شأناً في عائلة أبيه، لأنّ علياً كان عنصراً جاذباً لأسرته الصغيرة والكبيرة، جامعاً للجلسات والسهرات العائلية التي لا تحلو إلا ببسمته ونظراته الودودة، مضفياً المحبة أضعافا مضاعفة.
بعد استشهاد عليّ عرف الكثير من مناقبه وأياديه المعطاءة، لم يكن ليرغب أن يعرفها أحد في حياته، لكن بعد ارتقاء عليّ فاح طيب أفعاله وجود لمساته، فعليّ صار مُلكاً لأمّة، يجب ان تستنير ببعض من انوار الشهداء.
ذكر أحد معارفه واصفاً المهندس عليّاً: " عندما كان المهندس عليّ يذهب إلى سوريا وكنت السائق للسيارة التي تقلّه إلى عمله، كان دائما هادئاً، صامتاً". هذا الصمت كان في أقواله وأفعاله وجهاده.
مذ بدأ العمل في المقاومة، لم يأخذ من حقوقه شيئاً، بل كان يوزعها مباشرة على رأس كلّ شهر، لذا كان رضوان الله عليه مقصداً للكثيرين دون منّة منه، بل كان يشكر الله أن وفقه للخدمة والمساعدة، أعطاه الله فأجزل عليّ ولم يمسك.
في زمن ارتفاع الدولار تسارع البعض بتجارة خاسرة، حيث جعلوا أكبر همهم المتاجرة بصرف الدولار صعودا ونزولاً، كما صاحبت ثورة الدولار القاتلة جائحة (كورونا) الطاغية التي حبست النّاس في منازلهم، لتغرق الطبقة الكادحة بالعوز والقلة أكثر. أمام هذا الواقع المضني لم يقف المهندس عليّ متفرجاً على ما يحصل بل ساهم من ماله ليرفع بعض الثقل عن الناس في بلدته ومن يعرف... فعاجل بشراء أنواعٍ من الأدوية التي يحتاجها الناس، وأوصى الصيدلاني أن يعطيها للمرضى المحتاجين تبرعاً دون ذكر اسمه..." ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً". هو أحيا أنفساً في حياته وأحيا مع الشهداء أمّة .
كما ولج عليّ في قلب كلّ من عرفه، إلّا أنّ علياّ سجن قلوب محبيه، فكان حريّ أن يقال عن السعيد الدكتور المهندس علي حدرج : (السّجّان بالحبّ) = (السّجّان رقم عشرة)
ح+ ب = 10
2+8 = 10
ارتقى سعيدا (على طريق القدس) في ٢٠٢٤/١/٢٠ م، جرّاء صاروخ صهيوني على سيارته، بين البازورية والبرج الشمالي، جنوب لبنان.
* ابتسام الحاج دياب