لن يجفّ الحبر في الكتابة عن عطاءاتك وجهادك الثّقافيّ..
بسم الله الرّحمن الرّحيم
{ وَمَا يُلَقَّاهَآ إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٖ }
عجزت كلّ أقلامي عن الكتابة، وخذلتني الكلمات عن التّعبير. فهذا الخبر لم يكُن سهلاً على أحدٍ.
لم أفهم ما الّذي جرى. فجأةً وجدتُ الصّورة تنتشر والنّاس يهنّئونك. ما الّذي جرى؟ قبل دقائق كُنت قد أرسلتَ لي سلاماً، ولكنّك لم تُكمل. غالبًا كُنتَ تريد متابعة شؤون مجموعة القراءة الجديدة في بيروت. لكن، كان مجرّد سلامٍ، والسّلام!
لا أدري كيف أنظّم أفكاري لأعطيك حقّك في الكتابة. وكيف نوفيكَ بالكلمات؟ لا والله أنت أعظم وأسمى؛ لا مغالاة فيما سيَرد ولا شطط، إنّما تقصيرٌ في حقّك..
كُنت الملهم والسّند الدّائم مُنذ العَمد الأوّل لفسيلة. لَم يفُتك أيّ تفصيل طيل المسيرة، وكان لكَ فضلٌ في كلّ غصنٍ يمتدّ من زرعنا هذا.. فمواقفك تجاه هذا المشروع لا تُعدّ ولا تحصى، وحَملُك الهمّ وحرصك على التّقدّم والتّطور كانا موضع تشجيعٍ وتحفيزٍ كبيريْن.
شاركتَنا في جلسات التّخطيط، وقدّمتَ لنا الأفكار المحفّزة.. حرصتَ على نجاحنا في أوّل لقاءٍ حضوريّ، وكُنت أوّل الحاضرين (دائمًا كُنت)..
ويوماً كنّا نودّ تأمين كتاب ورقيّ لم نجده في المكتبات، فما كان منك إلا أن سَعيت لأخذ الإذن في تصوير نسخاتٍ منه وتأمينه للقرّاء، ولم تقبل إلّا أن وضعتَ الأمر كلّه على عاتقك وكان على لسانك دائمًا مصطلحا "بالخدمة" و "أنا جاهز"، مصداقًا لقول القائد "الشّباب اليوم أكثر جهوزيّة..."، ودليلًا لكلمات الأمير (ع) "وحالي في خِدمتك سرمدًا"، حيث أكّد القائد: "إنّ خدمة الله تعني خدمة الحياة والنّاس وخلق الله، والخدمة لتحقيق الأهداف."
وكنّا إذا تأخّرنا عن إطلاق الكتاب تُعاتِبنا بطيبةٍ وتُسائلنا بلُطف، فمرّةً فاتنا إطلاق الكتاب ثلاثة أيّام، فطالبتَني "شو الكتاب الجديد؟ نَقّولكم شي رواية.." ويا لخجلنا أمام هذه العناية الدّقيقة في حُسن سير العمل!
ولشدّة هذا الحرص، وددتَ أن تستلمَ إدارة مجموعة قراءةٍ في مكتبة فيلوسوفيا في بيروت. ولم تقبل أن تكون ضيفًا في هذه المجموعة لكي لا يكون الوضع رسميّاً، فأصرّيت على أن تكون مجرّد قارئٍ مثل الآخرين حتّى يسعهم المشاركة وتبادل الأفكار بأريحيّة. وأكّدتَ أن لا نتأخر في اللّقاء الأوّل للتّعرّف على القرّاء واختيار الكتاب عن يوم الخميس الواقع في 17 أيّار، فقُلتَ لي حرفيّاً: "كلّ ما نشرنا الدّعوة أسرع كل ما كسبنا وقت، بتعرفيش شو بصير علينا، وببالي خلص الخميس الجاي نعمل أوّل قعدة." وشاء القدر أن يكون هذا الخميس هو الأخير لك بيننا..
لن يجفّ الحبر في الكتابة عن عطاءاتك وجهادك الثّقافيّ.. وما كلّ هذا إلّا جزءٌ بسيطٌ من حياتك أذن لنا الرّحمن بالاطّلاع عليه، وما خفي أعظم!
* بقلم قائدة مشروع مجموعات القراءة ضمن مبادرة فسيلة