ما قيل وكتب عن الشهيد

مرشدي في عالم الرؤيا

مرشدي في عالم الرؤيا

بقيت ربما لعامين أراه في عالم الرؤيا، يأتي ويرشد ويوجّه، كم هو حنون..

لم نلتق لمدّة، حتى اندلعت الحرب، كلٌّ منّا كان لديه عمله، لم نتواصل حتى (ما كان التلفون دارج كتير وقتها)، لقد كانت الحر ب مفاجئة.
أثناء تواجدي في عملي أيام الحر ب الأولى، سألت أحد المجا هدين عنه، فأخبرني أنّه بخير، بل ومطمئن جدًا. (لم آخذ لكلامه أبعاد، ربما كان يقصد أنّ وسيم أصبح في الجنة! لكن لم يكن يريد إخباري، على كلّ حال لم أسأله أكثر واكتفيت بهذا الجواب المريح.)
بعد نهاية المعركة، عدت إلى البيت بذكرياتها، وآلامها، كنت أخطّط لمجموعة من الزيارات إلى بيوت إخواني لأسمع ذكرياتهم وأحكي لهم حكاياتي، وكان وسيم على رأس قائمتي. صادفت صديق مشترك مع وسيم، صافحته وعانقته، سألت عن أحواله، عن فلان وفلان، وعن وسيم: صحيح، كيف حال الشيخ؟ شفتو أو بعد!
لم يجب! صمت للحظات، ثمّ قال لي: نحنا طالعين بعد شوي عاللبوة، الشيخ وصل! تطلع؟
فهمت كلّ شيء، وأصبحت أردّد: بس ما حدا خبرني، كيف... (والباقي ترويه الدمعات).

بقيَت هذه الصدمة تسبح في ذاكرتي لأشهر بعد سماعي الخبر "بالصدفة"، بقيت ربما لعامين أراه في عالم الرؤيا، يأتي ويرشد ويوجّه، كم هو حنون... في إحدى المرّات جاءني ليحدّثني عن مشكلة في عملي، وفي الكثير من الأحيان كنت أطلب منه أن يزورني في عالم الرؤيا... تعويضًا عن تلك الصدمة، وكي لا أعتب أكثر! 
كان يأتي بالفعل ببسمته وطيبته، لا شيء إلا لأنّه كما كان في حياته، يسأل عن الجميع، يتفقد أحوالنا، حنونٌ علينا، سخيُّ النفس.

* نقلًا عن أحد رفاق الشهيد وسيم شريف