بعد قراءة الورقة دمعت عيناي وانتابني شعور أن تامر لن يعود إلا شهيدًا..
فجر ١٥ ايلول ٢٠١٧ أذّن المؤذّن، صلّى صلاة الفجر في محرابه، حزم أمتعته، انتظرتُه في السّيارة وقد طال الانتظار، فعدت إلى غرفته لأستطلع الخبر فرأيته يكتب ورقة، فعدت أدراجي دون أن يشعر بوجودي.
وبعد عدّة دقائق، خرج من المنزل وصعد السّيارة لننطلق وأوصلته حيث يجب أن ينطلق للإلتحاق بالركب الحسيني، وكنّا وقتها على أبواب شهر محرم. ترجّل من السّيارة بعد أن ودّعته ورجعت مسرعًا إلى غرفته. أردت أن أقرأ الورقة التي كتبها، فتّشت عليها فوجدتها بكلّ سهولة حيث وضعها داخل حاسوبه الخاص الموجود على مكتبه. وبعد قراءة الورقة دمعت عيناي وانتابني شعور أن تامر لن يعود إلا شهيدًا. فكانت هذه الرسالة بداية التمهيد، لكي أستطيع أن أتحمّل نقل خبر "ابنك شهيد الدفاع المقدّس". وفعلاً في الثامن من محرم، وعند صلاة الفجر، ارتقى جواد مع ثلّة من رفاقه شهيداً، وعاد إلى القرية في التاسع من محرم ليزفّ عريسًا في العاشر من محرم مواسياً الإمام الحسين عليه السّلام و كأنّه يقول "أنبقى بعدك يا حسين". وقد كتب على الورقة الوصية التالية:
"بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد
السلام على الحسين وعلى علي ابن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين
أمي بعرف أنو حتكوني متضايقة بس تقري هالورقة بس نحنا ولا شي قدام لي عمتضحي ب ٤ أو ٥ ولاد، وروحنا رخيصة كتير قدام هالخط وهالطريق. ولي بدنا ياه من هالدني رضا الله وأهل البيت واذا انتو منكن راضيين مش حأوصل لرضا الله بدي ياكي تدعيلي وتكوني قوية متل مابعرفك دعيلي من اول يوم بتقريهااني ما ارجع الا شهيد وسامحيني اذا عذبتك وضايقتك وقولي لبابا يدعيلي ويسامحني لأنو عذبتو كتير معي. وجنى حبيبتي كنت أتغلظ عليها كتير، بس بحبها قد الدني وقوليلها تضل قوية وتضل عالخط اللي ماشية فيه وخليها تسامحني. وقولي لعلي اني ح ادعيلو.
أرجو المسامحة من الجميع والسلام.."
* والد الشهيد