ما قيل وكتب عن الشهيد

بسمة الكليّة

بسمة الكليّة

يستعد الطلاب الناجحون لإكمال دراستهم. يحلمون بتتويج مسيرتهم الجامعية بالتخرّج والعمل، ويحلم معهم الأهل بلحظات كثيراً ما انتظروها وخطّطوا لها منذ كان أولادهم أطفالاً. لكن الوضع في منزل عائلة الشهيد حسين علي رزق كان مختلفاً. فالحلم بنيل شهادة الكيمياء الحياتية توقف في 29 تموز 2006. تزامن يوم صدور نتيجة حسين الجامعية مع عملية الوعد الصادق، ذهب الشاب ليُحضر النتيجة، هاتف أهله وأبلغهم بنجاحه في السنة الجامعية الثانية، لكنّه سلك طريقاً مختلفاً عن طريق العودة إلى المنزل. التحق الشاب برفاق السلاح واستُشهد لاحقاً في رشكنانيه في قضاء صور بالقرب من قانا.

ستجمع رفاق حسين هذا العام لن تضم صورته. لكن أم حسين تؤكد أنّ ابنها لو كان حياً لكان سيتخرّج هذا الصيف لأنّه كان من المتفوّقين. وقد جمعت الوالدة شهادات حسين، حتى تلك المعلّقة على الحائط في ملف تحتفظ به في خزانتها وعلّقت مكانها صوراً للابن الشهيد، واحدة بثياب عسكرية وأخرى يحمل فيها بندقية إلى جانب شهادة تقدير حازها حسين من فرقة الإسناد الناري في المقاومة. تخفي الوالدة حسرتها على المسيرة العلمية التي لم تكتمل وتعزّي نفسها بالقول: «يستطيع أيّ كان أن يحصل على شهادة جامعية، لكنْ قليلون هم من يحظون بشرف الشهادة في سبيل الوطن». تأبى الوالدة إلّا أن تُريَك شهادات ابنها التي احتفظت بها بعناية، وتقف عند كل شهادة لتسترجع ذكريات الزيارات التي كانت تقوم بها إلى مدرسة حسين لتطمئن إلى نتائجه.

كان صيف عام 2006 حارقاً بالنسبة إلى أم الشهيد، كذلك صيف العام الماضي، لكن نكهة هذا الصيف كانت مختلفة، بعدما تحرّر الأسرى وقطف اللبنانيّون ثمار استشهاد حسين ورفاقه، وأيقنت أم حسين جدوى استشهاد ابنها.

(....)

بسمة الكلية

ما زالت أم حسين رزق تتابع أخبار زملاء شهيدها في الجامعة بشغف وتطمئن إلى نتائجهم الدراسيّة. تذرف الوالدة دموعها حين تذكر أنّ بعض رفاق ابنها يتخرّجون هذا الصيف. كذلك تذكر الوالدة أنّ علاقة حسين بأساتذته كانت ممتازة، وقد أطلق عليه زملاؤه لقب «بسمة الكلية». فما ميّز حسين تلك البسمة الساحرة التي لا تفارق شفتيه. ويذكر أحد رفاقه أنّه كان ودوداً مع الجميع، ولم تكن له أية عداوة مع أحد. وكانت تلك البسمة كفيلة لصاحبها بدخول قلوب كل من عرفه. وتقول أم حسين إنّ أحد الأساتذة الذين أتوا لتقديم التعازي أخبرها أنّه رغم الجديّة التي كان يتسم بها في تعاطيه مع طلابه، كان لعلاقته بحسين طابع خاص، فقد كان الأقرب إلى قلبه، وكان الوحيد المسموح له بالمزاح مع أستاذه.