هو المقام الرّفيع الذي كان لمجاهد بطل، للشهيد كاظم خنافر؛ تلفتك البراءة في محيّاه والصفاء في عينيه والعزة بين وجنتيه، هو صاحب الوجه الملائكي الطاهر، من الفتية الذين آمنوا بربهم فزادهم هدىً، هو الهادئ الخلوق، هو "الفتى" العشريني، الطالب الجامعي، الذي امتشق سلاحه دون تردد، والتحق بصفوف المجاهدين لردّ المعتدين، يلاحق نخبتهم ويدحر غزوتهم، ويسجل فوزاً ونجاحاً في الميدان كما سجله على مقاعد كلية الطبّ، فهو طالب في السنة الثالثة لم يرض لنفسه النجاح إلا بأعلى سلّم الدرجات. الجميع كانوا يتوقعون مستقبلاً باهراً لكاظم، ولكنهم ما علموا أن له مسار تخرج وشهادة مختلف عما يظنون.. لقد كان صدقاً الناجح في الدنيا والفائز بالآخرة.
كتب الشهيد كاظم وصيته في 25 تموز واستشهد في اليوم التالي، قبل 23 يوماً من بلوغه العشرين عاماً..
يتذكر رفاق الشهيد كل حركاته وسكناته والسرّ الغامض في نظراته.. هم باتوا اليوم أكثر فهماً وإداركاً لحقيقة هذا الفتى، هذا البطل، طالب الشهادة هذا، يعاهده زميله علي أن يبقى وفياً لدربه، للنهج الذي سقط في سبيله، للتراب الذي رواه بدماه، ليكون أهلاً لحفظ الأمانة وخليقاً بالدم الغالي الذي قدّمه كاظم...في تموز، أظافر هزمت مخلبهم، وإيمان حطم هيبتهم، أبطال دحرت نخبتهم، ورجال كسرت شوكتهم.. في تموز، فاض شعر قصائدنا، حطمنا صورة نخبتهم، انشغل النصر بطلعتنا، رسمنا حروف هزيمتهم، صنعنا الحلم لأمتنا.. وكشفنا زيف حقيقتهم، وملائكة تحفّ بنا.. ولعنات تبقى تلاحقهم.
اختلْ يا تموز وتباهَ، فيك صدحت المآذن، وكبّرت: هم حقاً رجال الله، هو صدقاً نصر الله...
-ليندا عجمي