بطاقات الشهداء

الذهاب الأخير

الذهاب الأخير

  • على الجبهات كذلك لم تفارق الضحكة محياه، حتى في أشرس المعارك، هو صاحب يقينٍ وعقيدة. عرف نفسه فعرف ربه، وعرف أعداء الله، فقاتلهم قتال الأحرار، لاحقهم أينما حلوا ومن كانوا. تشهد له المعارك، وأبرزها معارك القصير وسلسلة لبنان الشرقية وضمنها جرود عرسال، خاصةً مواجهات ضهر الهوة. لم يغادر "الحاج أحمد" جرود عرسال حتى النصر واستسلام أمير جبهة النصرة "أبو مالك التلة"، ليعلن بعدها سماحة السيد حسن نصرالله عيد التحرير الثاني. لم يكن "الحاج أحمد" يتقاضى أي مبلغ عن عمله الجهادي، كان متطوعاً. حتى أنه عند علمه بأي معركةٍ قريبة كان هو من يطلب بل ويصر إصراراً شديداً على الإلتحاق والقتال. فهي معركة الحق والباطل، وهو من أهل البصيرة والحق. كيف لا وهو حتى في الخطوط الأمامية دائم الإبتسامة وبشاشة الوجه، هو الذي استهزأ بالموت فقهره.
  • حين علمه بتجدد المعارك في ريف حلب، هيأ نفسه وروحه للإلتحاق دون أن يُطلب منه، بل هو من سعى جاهداً للذهاب والجهاد، فهو على موعدٍ مع الشهادة، في بلدة "الطلحية" في ريف حلب. قبل انطلاقه إلى سوريا بأيام كان يسهر مع رفاقه في أحد المقاهي، وقبل أن يغادر ترك مبلغاً من المال لصاحب المقهى وقال له "ضيافة للشباب".
    خلال تواجد "الحاج أحمد" في حلب ورده إتصال مفاده أن عليه النزول إلى لبنان في عملٍ سيتقاضى عنه عدة آلافٍ من الدولارات. أسرّ هنا "الحاج أحمد" لصديقه "هيدا إمتحان بين إنو إنزل وأقبض هالمبلغ، وبين إنو ضل هون مع المجاهدين، وأنا أكيد رح ضل هون.
    وأوكل "الحاج أحمد" هذه المهمة بدلاً عنه لأحد أصدقائه في لبنان وهو من الإخوان المحدودي الدخل. أقام الحاج أحمد وهو في أرض الجهاد مأدبة غداءٍ للمجاهدين على حب السيدة الزهراء عليها السلام. ووعدهم بأن يقيم لهم "دبيحة" على حب أهل البيت عليهم السلام، لكن الشهادة سبقته. في الثامن والعشرين من شباط/ فبراير، في بداية أشهر نورٍ مباركة، كانت شهادته ضوءاً لقلوبٍ احتاجت أن تزيح بعض عتمة وسُبات، فالحاج أحمد خلّد إسمه ضوءاً في قافلة الأحرار، وصار "الشهيد أحمد"، ضمن كوكبة شهداء انضموا إلى أمراء أهل الجنة، والتحقوا برفاقهم الشهداء ممن سبقوهم. وهو الحاج أحمد الذي احترق شوقاً لرفاقٍ عرفهم وعايشهم وجاهد معهم، واليوم، انضم إليهم.

*موقع المقاومة الإسلامية في لبنان