ويحك، تتخذ من نصرة إمامك ذريعةً للتخلّف عن نصرته!
(حوار جرى بين الشهيد تامر وبين صديقه في يوم مغادرته إلى تدمر (مشواره الجهادي الاخير حيث نال الشهادة)
يقول صديقه وزميل الدراسة :
قصة رآها رفيق درب الشهيد
تنفس الصبح باسم الله، وخرجت من بيتي على دراجتي النارية. كنت يومها أراقب وجوه الناس وأتعجب من تجهّمها!!على رِسلكم في طلب الدنيا يا أهلها...وإذ هممت بالخروج من مخازن "قاروط"، ألفيت لدى الباب وجهاً من وجوه الآخرة فاستبشرت بمحياه البهي...كان من عادتي أن أرى تامر وأن أُسرّ بنظراته الصادقة، إلّا أنّني حين تأمّلته هناك بدا لي وجهه ملائكيّا خالصاً، لقد كان وجه المترفعين عن الدنيا المعرضين عن نتنها، حتى الساعةُ التي طلب منّي أن أصحبه ليشتريها من الداخل ما كانت إلا لحساب موعد يوم اللقاء الجميل...اشترى تامر الساعة وضبطها بدقة...ثم أصررت عليه أن أوصله إلى مكان التحاقه فقبل، وانطلقنا على الدراجة الصغيرة...
في الطريق ابتدأني تامر بالحديث، وقلّما فعل من قبل، قال: "ادعيلي استشهد"،
فأجبته واثقاً:" إذا استشهدت مين بده ينصر صاحب الزمان(ع)؟" ولجهلي ابتسمت ابتسامتي المعتادة، فقال:" مش منقرأ بدعاء العهد (اللّهم إن حال بيني وبينه الموت الذي جعلته على عبادك حتماً مقضياً فأخرجني من قبري) !؟ومش يلّي بيقرأ هدا الدعاء أربعين صباح الله بيرجع بيحييه؟!"...
لقد كانت إجابةً سخرتُ على إثرها بثقتي تلك، وهزئت بابتسامتي، لقد أخجلني تامر من نفسي؛ إنه يقول لي:"ويحك، تتخذ من نصرة إمامك ذريعةً للتخلّف عن نصرته!! أم أنّك آثرت دنياك على آخرتك؟!"...أكملنا الطريق صامتين، وإذ وصلنا متأخّرين قليلاً عن الموعد قلت له: "إذا معش رحت أمانة ترجع لعندي عالبيت"، لقد كان ذاك قولَ من لم يرد أن يفرّط بصديقٍ أخٍ كتامر، بل المريدِ صدقًا أن لا يفارقه أبد الدهر، فابتسمَ المعلِّم وقال: "ايه ان شاء لله" وغادر على عجَل...
وعاد تامر بعد 15 يوم مستشهدا مؤتزرا بدلة عسكرية، منتظرا...